معركة التحرير لها ثمنها
بقلم الكاتب الصحفي عبد الرحيم عاشر
ما يجري في أرض فلسطين هو ثمن الحرية والتحرر. نحن أمام كيان لا يرحم ولا أخلاق له في السلم فناهيك في الحرب. كيان أصله جريمة اغتصاب الأرض والتطهير العرقي.
ما يجري في فلسطين اليوم معركة كبيرة بكامل المعنى. وأهم ما اضر بالقضية في معركة الوعي هو الاختزال. هذا الاختزال هو نتيجة أمراض وأحقاد ومصالح. مارسه خصوم المقاومة كما مارسه أنصارها. منذ اليوم قلنا إنها فلسطين وليست غزة. المقاومة وليست حماس. الاختزال بداية للاستفراد بمن هو مقصود بالمعركة في مرحلتها الحالية. المعركة طويلة حتى لو توقفت. لكن العدو يريد قطع رأس الحربة حاليا على أن يعود للباقي لاحقا.
الاختزال قاتل ومضر، وهو آلية لتسهيل القضاء على القضية. في الربيع العربي المغشوش، الذي جاء باللون الأصفر، تم اختزال القضية في رؤوس معينة، وكأن المشكل يقف عندها. والغرض ليس القضاء عليها ولكن باختزالهم للمسألة في شخص يسهل إسقاط النظام بكامله.
الاختزال اليوم من مصلحة العدو. كثر الحديث عن غزة صباح مساء والأمر يتعلق بفلسطين. صحيح أن قطاع غزة يؤدي الضريبة بشكل وافر دماء وأرواحا وشهداء. أصبح منطقة للموت الجماعي واستشهاد عائلات بأكملها. لكن العدو يريد فلسطين كل فلسطين. يوميا يمارس القتل في الضفة الغربية. شهداء كل ساعة في مخيم جنين. معارك ضارية تدور هناك. يريد العدو التخلص من أرض فلسطين ومن عنوان فلسطين حتى لو على أرض أخرى رغم أنه أمر غير ممكن.
يريد أن ينسى الناس أنه كانت هناك أرض تسمى فلسطين منذ أربعة آلاف عام. لهذا اليوم التركيز في الإعلام الصهيوني والغربي وكثير من الإعلام العربي (وبين العبري والعربي مجرد قلب لتمركز الحروف) على غزة حتى يتم الاستفراد بهذه القطعة من الجغرافية.
ويتم اختزال المقاومة في حماس. يتم عزلها ووصفها بالإرهاب في إحالة على صنائع من “شغل” يديهم كالقاعدة وداعش. ونفهم الآن لماذا صنعوا هذه التنظيمات المدمرة. حتى تصبح مرجعا للإحالة. حماس منظمة إسلامية لكنها حركة مقاومة بقوة الواقع والقانون. لكن لماذا الحديث عن حماس في ظل وجود حركات مقاومة كثيرة وتساهم بدور فعال وهناك تنسيق ميداني؟ دائما الهدف هو الاستفراد. فالجهاد الإسلامي تقوم بدور فعال وكذاك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح وغيرها.
ساهم بقوة في هذا الاختزال القراءة البسيطة لهذا الحدث الكبير. حدث وجودي يتم قراءته من منطلق الانحياز. يكون الانحياز صائبا في تحديد الموقف. لكن في التحليل ينبغي أن تحضر المعطيات والأدوات العلمية. كثير من القراءات مبنية على “التمني”. وهذه القراءات موجودة هنا وهناك. كثير من القراءات في جغرافيا العرب تتمنى انتصار إسرائيل نكاية في المقاومة لكن تحت مسمى حماس، التي يتم نعتها بالإرهابية وهو النعت نفسه الذي كان يطلق على منظمة التحرير الفلسطينية، وحتى في صف المقاومة هناك من يتمنى انتصار حماس لوحدها مع العلم أن المعركة كبرى وإن لم تكن حاسمة.
الصهاينة مزمعون على الانتقام من الفلسطيني بغض النظر عن انتمائه، وهم جبناء لا يواجهون المقاومة وإنما يفرون لضرب الأطفال والنساء.