مقامات يسدل الستار على دورة الفقيد الجراري بحفل ختامي باذخ وأفق الملحون على المزيد من التألق والتجديد
أكرمت جمعية أبي رقراق وفادة ضيوف مهرجان مقامات في دورته 14، بحفل ختامي باذخ، عبارة عن مأدبة ملحونية أصيلة فيها ما لذ وطاب من قصائد شعراء الملحون السلاويين منذ القرن 17.
القصائد المذكورة التي كانت محور الحفل الختامي لمقامات، هي دفعة أولى من الخزانة الصوتية التي أهدتها جمعية أبي رقراق في أقراص مدمجة لكل متابعي الدورة 14 التي خصصت محورها الأساس لـ “الملحون… مسارات ومقاربات جديدة.
اليوم السابع والأخير من دورة فقيد الأدب المغربي وعميده الراحل عباس الجراري، تحول إلى لحظة وداع حزينة نوعا ما، لكنها مشرقة في الوقت نفسه، لأن برنامج الدورة 14 جعل الكل يترقب الدورة 15 وما ستحمله من جديد في الاحتفاء بالأصالة والحداثة معا في مدينة الأسوار والأبواب ونهر أبي رقراق؟
من فوق خشبة مسرح مركب التنشيط الفني والثقافي تابريكت، صدحت أصوات كل من الفنانة المنشدة عائشة الدكالي، والفنان المنشد عبد الهادي بنغانم، والفنان المنشد سعيد بلمكي، الذين تناوبوا على إمتاع الجمهور بتلك القصائد العتيقة في فن الملحون السلاوي.
قبل فيض الملحون، كانت إطلالة بهية للفنان عدنان السفياني، ليسلم مشعل البهاء الأصيل للأصوات القوية السالفة الذكر، وفي الخلف الفرقة الموسيقية ومنسق الحفل موسيقيا الفنان التهامي بلحوات.
فقرات الحفل، تحولت إلى تفاعل مباشر للجمهور الذي غصت به قاعة المسرح، مع كل فنان يقف أمامهم لينشد بعضا من تلك الكنوز الشعرية الملحونية السلاوية، وافتتحت الفنانة عاشة الدكالي الوصال مع أصالة الكلمة، ليليها الفنان سعيد بالمكي، ثم الفنان عبد الهادي بنغانم.
وبالتناوب صال وجال نجوم الحفل الختامي في بقاع الملحون، بمقتطف من قصيدة “فن الملحون”، وصولا قصيدة غيثة، مرورا بسرابة سلا عن المدن وقصيدة التوسل، وقصيدة الصلاة على النبي، ثم ادريسية وسيدي عبد الله بنحسون، وأصل الزين السلاوي واستقلال المغرب والراديو والعشق والهوى وحاجة.
تلك كانت الوجبات التي فاضت على مائدة مهرجان مقامات في دورته 14، والتي تعد بدفعة جديدة تشتغل جمعية أبي رقراق على توثيقها وتسجيلها ضمن مشروع الذاكرة الصوتية لملحون السلاويين والذي ابتكره المبدع عبد المجيد فنيش.
المهرجان المنظم من طرف جمعية أبي رقراق وبشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل -قطاع الثقافة- وبتعاون مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية عمالة سلا، أصر على توديع الأطفال في المركب الثقافي والاجتماعي قرية أولاد موسى، بحصص أخيرة من ورشات الحكاية والمسرح والمعامل اليدوية والتربوية، إلى جانب فقرات كوميدية مع الفنانين عثمان هشام في شخصية جميل، والفنان القيدوم البهلوان زينو.
وبذلك تنتهي الأيام التي وصفها الجمهور بـ “النزاهة الفنية والثقافية”، وتختم جمعية أبي رقراق الدورة 14 من مهرجان مقامات بشعاره المحوري والأساسي “الملحون… مسارات ومقاربات جديدة”، الذي تمكنت البرمجة فعلا من مواكبة تصنيف الملحون تراثا إنسانيا لا ماديا، باستشراف الأفق المفتوح على الاجتهاد والتطوير والإبداع، مثلما كان حفل الافتتاح الذي جسد الانصهار الثقافي للأمة المغربية بسرد أسطورة “إسلي وتيسليت” عبر الملحون شعرا وأداء، إضافة إلى الحفل الختامي الذي تحول إلى تحية إكبار وتقدير لموروثنا الغني والثري.