النافِخ ُوالمنْفوخُ
محمد خلوقي
*******************
حين نُحدث ثقوبا في المنطاد الهوائي ( ballon) فإننا نضمن عدم انفجاره، حتى وان تواصلت عملية النفخ ، والذي يتعبُ هو النافخ ، أما المنطاد فلن يتغيَّر حجمه بسرعة كبيرة الى تشكيل جديد ، ولن يصيبه انفجار مفاجئ ..
هكذا هو المشهد في مجتمعنا ، ثُقوب كثيرة و مُثيرة في منطاد الحكامة والتسيير تحت مسميات عديدة : حرية الرأي – ديمقراطية – حقوق المرأة – برلمان – احزاب -.. فالمنطاد مُزيَّن بمثل هذه العناوين البراقة، وكل ينْفخ في اتجاهه ، اعتقادا منه أنه الاقدر والاجدر على تشكيله وفق رغباته ومزاجه ،ويضمن سيره ، وسرعة تحوله وطيرانه ،لكن النافخِ ينوهم ذلك ، فهو لا ولن يصل الا لعملية إجهاد نفسه بنفخ لا يَرى له اثرا في إحداث و تشكيل حُلمه على النحو الذي يريد ، بل إن مثل هذه العملية من النفخ المتواصل والبليد تحجب عن النافخ نفسه ان يشك او يتفقد طبيعة المنطاد ، وما قد يكون به من ثقوب ،فيظل همه هو إرسال الهواء دون فهم واستيعاب .
هكذا اصبح عليه واقعنا ؛ أنظمة وأحزاب تزين المشهد بمنطادات متنوعة الأشكال والأحجام .. وقد تم توشيَتها بثُقوب عديدة ، وجعلت عليها حُرَّاسا غلاظا شدادا من البلادة والبدانة ، يراقبون المشهد، ويُسيِّرون اتجاه (البالونات ) بحنكة ووفاء وإخلاص بحسب ما ترغب فيه الجهات الخفية عن أنظار النافخين أنفسِهم ، مع حرص كبير من هذه الجهات بان لا يُحدِث النفخ اي انفجار او تفجر للمنطاد ، لان استمرار عملية نفخ النافخين سيضمن لهذه الجهات أمورا عديدة منها :
-اولا ابقاء إلتصاق فم النافخ بالمنضاد دون غيره.
وثانيا :ان نَفَسَ النافخ سيقِلُّ مع الوقت ، وان جُهْده سيتبخر ، وأن التعب والاحباط سينال منه لا محالة .
إذن انفخوا كما شئتم ، ومن أي مكان اردتم ، فلن ينفجر المنطاد المُحكم التصميم ، والمتنوع الثقوب .. وحين يصبح للنافخ فيكم عقل أكبر من فَمِه .. آنذاك سيفهم النافخ : كيف وأين ومتى ينفخ او لا ينفخ.
محمد خلوقي