omrane omrane

أحِبُّوا أطفالَكم قبل أن يولدوا

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

إن من اوليات واسس التربية السليمة والسَّوِية للطفل ، هو ان يأتي ، ابتداءً ، الى الدنيا من طرف والديه عن حب ورغبة ، لا عن كُره ورهبة ،وعن حسن تسديد وتخطيط لا عن خطأ او خطيئة ، وكذلك أنْ تعتقد أمُّه جازمة ان حمْلها به هو هدية ٌ، وروحٌ ربانية مفرحة ، لا قنبلة بشرية مخيفة ومُقلقة .اما الاب لابد ان يعيش هو الاخر نشوة وفرحة الحدث ، دون فصله عن لحظات شوق انتظاره للقادم . ومن هذه النقطة تبدأ اولى علامات الانجاب السوي بتلك الفرحة القبلية للوالدين وانتظارهما وتحسُّسهما بشغف الهبة الربانية قبل خروجها الى الوجود .
فرغبة الطرفين ، واتفاقهما ، وتخطيطهما واستعدادهما النفسي و العاطفي يعدان من المداخل الاساسية لتحقيق هذه التربية السوية .
فالوضع أشبه بالطريق او المسكن الحسن ، يحتاج قبل انجازه وإكماله ، تفكيرا ومشاورة وتصميما وإعدادا ، اما أن يتم بناؤه بعبثيةوتسرُّع ، وجهل وعشوائية ، فالاكيد ان ظاهره لن يختلف عن باطنه قبحا وسماجة .
كذلك الامر حين نريد خياطة جلباب او قميص ، فيتطلب ، ابتداء، تصورا قبليا ، وتخطيطا للمقاسات ، وتفكيرا في التزويقات والتطريزات ، ثم الشروع في الانجاز والابداع .
في غياب هذه الترتيبات الاولية والاساسية والجوهرية ، قد نصدم بواقع تربوي جد مؤلم
ذلك ان بعض الاسر تشتكي – اليوم – من انحرافات وانزلاقات ابنائها ؛سلوكا واخلاقا وفكرا ، فاعتقد ان من بين الاسباب لذلك ، وكما اشرت في البداية ، ان هذا المولود لم تتحقق فيه نسب عالية من شرط الرغبة المقرونة بالحب ، والتخطيط والصبر والمسؤولية .
وللاسف الشديد ، كم نسمع من احاديث الوالدين في لحظات البوح الانفعالي ، يعتبران فيها ان مولودهما جاء بالخطأ ، اوعن عدم رغبة في اضافة مولود آخر ..
و هذا المنطوق الصريح ، او حتى الشعور الدفين من طرف الوالدين غالبا ما قد يُنتج تصرفات وسلوكات حارقة ، و أودية جارفة من أحاسيس التأفف والتدمر والسخط وعدم الرضى ، وغالبا ما يُكوى الطفلُ البريء في مرحلة من مراحل نموه بهذا الاحساس السلبي تجاه وجوده ..وبعدها ستتوالى اشكال من الالام والجراحات ، وتتحفر في دواخل الصغير الندوب والعقد النفسية، مما يصعب مسحها او ازالتها من شخصيته المستقبلية .
ومن هنا يبدأ مسلسل المعاناة وصعوبة المعافاة.
نستنتج مما سبق ان التخطيط القبلي الممزوج بالحب الحقيقي يعد مطلبا أوليا واساسيا ووجوديا في تحقيق التنشئة والتربية السليمة والسوية والتي تعود بالنفع على الطفل والاباء والمجتمع .
لهذا اهمس في اذن كل المقبلين على الزواج اوالانجاب ان يتمهروا اولا على حب وعشق أطفالهم قبل ان يوجدوا ، ويتدربوا على التخطيط لهم قبل ان يولدوا ، فتلك ، لعمري ، أولى الخطوات نحو عيش السعادة و تحقيق السلامة .

محمد خلوقي

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.